لا يزال سبب صداع التوتر غامضاً، ويسمى أحيانا صداع الإجهاد، وهو أكثر أنواع الصداع انتشارا بين البالغين ويظهر بشكل دوري متقطع من فترة لأخرى من مرتين الى ثلاث مرات في الشهر أو بشكل يومي مزمن، وتقف الشدة والضغوط النفسية وراء مثل هذا الصداع.
يصف المصاب بهذا النوع من الصداع بأنه أشبه بحزام ضاغط على الرأس تتراوح شدته في أغلب الحالات بين خفيف الى متوسط وقد يكون شديدا لدى البعض، وتمتد فترة الصداع من نصف ساعة إلى عدة ساعات وربما أيام، ويبدأ عادة خفيفا ثم يتدرج في شدته وأكثر ما يحدث في ساعات النهار، أما صداع التوتر اليومي المزمن فيتركز في مقدمة أو جانبي الرأس. ومع أن درجة الصداع تختلف من وقت لاخر إلا أن الصداع يبقى موجودا في معظم الأوقات ولا يخلف هذا النوع من الصداع أية آثار عصبية أو حركية على المريض ولا يعدو عن كونه صداعا في الرأس.
يقول اختصاصي الطب النفسي د.خليل أبوزناد أن 95% من الصداع الذي يشكو منه الناس يعود لأسباب نفسية ، فالأمراض النفسية مثل القلق والاكتئاب والتوتر جميعها تسبب الصداع، مشيرا إلى أن معظم المصابين به يعتقدون أنهم مصابون بالأعصاب فيلجأون للعلاج الخاطئ، ويوضح أن القلق بشأن الصداع بحد ذاته قد يؤدي إلى ديمومة الأعراض مما يجعل أغلب المعانين يعتقدون بوجود سبب مرضي لشكواهم.
وقد يترافق مع صداع التوتر أعراض أخرى مثل الإجهاد والكسل وصعوبة النوم والتوتر النفسي وسرعة الانفعال وضعف التركيز، غير أن أهم ما يميز صداع التوتر هو خلو المريض من أية أعراض أو علامات عصبية سواء كانت عابرة أو مزمنة، فلا يشكو المريض من ضعف العضلات أو من تأثر النظر أو من الخدر والتنميل في الأطراف أو من فقد الوعي أو غيرها.
أسباب
وينصح د. أبو زناد المريض بتجنب التوتر الشديد في أسلوب الحياة، والحساسية الزائدة في التعامل مع مشاكل الحياة اليومية، والصعوبة في اتخاذ القرارات، وقمع الذات المبالغ فيه، لأنها جميعا تساعد على ظهور الصداع. ويحدد أبو زناد أهم أسباب التوتر وهي تغيرات الحياة الأساسية مثل الزواج، وتربية الأطفال، والطلاق، وموت احد المقربين، وعجز أو مرض أحد أفراد الأسرة، والمشاكل الجنسية، والتوزيع غير المتساوي للمسؤوليات بين أعضاء الأسرة، والشجار والضرب المتكرر في الأسرة، والضغوطات الدراسية، والناحية المالية، والعمل الوظيفي كتعارض وغموض الدور، أو زيادة أو نقصان الحمل الوظيفي، وافتقاد العلاقات الشخصية المتبادلة في العمل، والبيئة المحيطة مثل العيش في منطقة غير آمنة، والأماكن المزدحمة، والأحوال الجوية، والتلوث، والكوارث الطبيعية.
حلول
وهناك وسائل لعلاج صداع التوتر حسبما ذكر د.أبو زناد، منها ممارسة تمارين الاسترخاء وعلاج المشكلات النفسية والاجتماعية المترافقة معه، فمن الضروري أن يتعلم الشخص كيف يسترخي، ويستمع الى الموسيقى، ويقوم بالتنفس العميق، واليوغا، وحمام ساخن، والقيلولة والسباحة، والمساج. والوسيلة الثانية للتغلب على صداع التوتر هي انتهاج المرح والنظر إلى الجانب الممتع من الموقف الضاغط، بمعنى تحويل الموقف السلبي الى موقف ايجابي، مما يقلل من حدة الحدث السلبي ويجعلك تنظر الى الأمر ببساطة أكثر، كما ينصح أبو زياد بممارسة الأنشطة التي تحقق المتعة مثل مشاهدة مسرحيات وأفلام كوميدية، وجلسات مع الأصدقاء المرحين، فالمرح يجعلنا ننظر الى مشاكلنا بمنظور مختلف ويخفف من حدة المشاكل.
ويوصي د. أبو زناد بالدعم الاجتماعي والروحي لمريض الصداع، فحين يواجه الشخص مشكلة ،يحتاج الى دعم اجتماعي وعاطفي وروحي، عن طريق ايجاد نظام اجتماعي يدعم الفرد في ظروفه التي يمر بها، ويكون الدعم من عدة اطراف (الأهل، والأصدقاء، والجيران، وزملاء العمل، والمؤسسات الدينية والتربوية)، ومن أحد عوامل الدعم الاجتماعي التوجه الى اختصاصي يساعد المريض على فهم مشكلته، ويحدد احتياجاته ويعطيه البدائل والنصح بناء على خبرته العلمية، وهذا يؤدي الى تخفيف التوتر والضغط من تحمل عبء أسراره الخاصة، كما يساعد على أن يرى المريض مشكلته بوضوح ويساعده على اتخاذ قراراته بنفسه، ويبدأ العلاج بحل المشاكل النفسية التي داهمت الشخص، ويفيد وصف بعض المهدئات العصبية في لجم نوبات الصداع.
ويمكن القضاء على الصداع الناتج عن التوتر أو على الأقل تقليل حالات تكرره بممارسة الرياضة ثلاث مرات في الأسبوع، والنوم لمدة كافية من الوقت والانتظام في تناول الطعام، كما يساعد التأمل والتنفس العميق في كثير من الحالات، ولكن إذا فشلت كل هذه الأساليب الوقائية في الحماية من الصداع الناتج عن التوتر، فإن تناول المسكنات قد يقضي عليه، ولكن إذا لم تفلح تلك الأدوية في علاجه فقد ينصح الطبيب بتناول أحد العقاقير المضادة للاكتئاب.
دراسات
أما آخر الدراسات فقد قال باحثون ألمان إن الوخز بالإبر يعد علاجا فعالا للمرضى الذين يعانون من الصداع الناتج عن التوتر, وخفض استخدام هذا العلاج الصيني القديم الذي يتضمن غرس إبر رفيعة للغاية في الجلد في أماكن معينة بالجسم معدلات الصداع إلى النصف تقريبا، في دراسة أجريت على 270 شخصا.
وقال الدكتور فولفغانج فيدنهامر من مركز بحوث الطب التكميلي بجامعة تكنيش بميونيخ في تقرير نشر بالمجلة الطبية البريطانية، إن نسبة كبيرة من المرضى المصابين بالصداع الناتج عن التوتر استفادت من الوخز بالإبر, وأوضح أن درجة الاستجابة لهذا النوع من العلاج كانت جيدة، مشيرا إلى أن التحسن استمر لعدة أشهر بعد استكمال العلاج,
وظهر أيضا أن الوخز بالإبر وهو أحد أشهر العلاجات التكميلية، يساعد على تخفيف الغثيان والتوتر وآلام المفاصل في الركبة وآلام الحوض أثناء الحمل.