خطورة وأضرار ترك الهاتف المحمول للأطفال




 الجهاز الذي لا يكاد يخلو منه أي بيت ، حيث أصبح يشاركنا حياتنا الاجتماعية كفرد متطفل يسلب الألفة منا ، ويجعلنا منعزلين عاكفين على جهاز يغوص بنا في عوالم سرمدية من اللذة الافتراضية !

والأدهى من ذلك ، أنَّ الكثير من الأمهات اللاتي أعرفهن شخصيا ، أصبحن يربين أطفالهن بهواتفهن كنوع من الإلهاء ، حتى يزاولن أعمالهن ( براحتهن ) ، ويعتبرن تلك الهواتف مصدرا يقيهم إزعاج وصراخ أطفالهن المتكرر !

وهذا ما تفعله صديقتي ندى لأطفالها الصغار ، حيث يقضين جل أوقاتهم متسمرين أمام شاشات هواتفهم ، بل حتى طفلها الرضيع محمد ( عامين ) اعتاد على أن يتناول الطعام وينام بوجود موسيقى وألعاب في هاتف والدته ، ولا تجد أي مشكلة في أن ينام وهو ممسك بهاتفها كدمية حميمة !

هل ترين أن ما تفعله صديقتي ندى أمر طبيعي ، ولا تجدين فيه أي ضرر ؟ حسن . أدعوك لأن تعيدي النظر في رأيك بعد أن تقرئي هذه القائمة عن مخاطر و اضرار الهاتف المحمول على الاطفال وما يسببه من مشاكل صحية و نفسية .

اضرار الهاتف المحمول على الاطفال ( 1 )

 

نعرض لكم في ما يلي 7 أضرار يسببها الهاتف المحمول للأطفال ، ندعوك لقراءتها بتركيز شديد :

 

1 – الهاتف يؤثر سلبا على العلاقة بين الوالدين والطفل

 

صحيح أن الهواتف الذكية مفيدة في العديد من النواحي ، ولكن بالمقابل فهي تعمل على خلق هوّة وفراغ بين الوالدين والطفل ، وبالتالي ينحل حبل الترابط الأسري شيئا فشيئا ، وتنقلب الموازين ، فتلعب الموبايلات دور المربي بشكل غير مباشر ، وتؤثر على نمو الطفل وعواطفه على المدى البعيد .

فالفرق شاسع جدا بين عالم افتراضي من الألعاب والفيديوهات الممتعة ، وبين واقع أسري يعيش أفراده حياتهم بحلوها ومرها ، فتتكون لدى الطفل نظرة تشاؤمية – وإن كان لا يدركها – في تلك اللحظة ، لكن تراكم تلك الترسبات ، سيبني شخصيته الهشة والانطوائية .

ولا داعي لعرض الأبحاث والدراسات التي تشير إلى حالات الإنطوائية والانعزال عن المجتمع الأسري التي يعيشها معظم أطفال اليوم – بل وكبارهم – .

– إذا بكى الطفل فاعطِه الجوال وسيسكت !

– إذا أردت أن تعدي وجبة العشاء دون أن يزعجك طفلك الشقي فناوليه ( مخدر ) الهاتف !

– إذا أردت أن ينام طفلك بهدوء فاتركي الهاتف في يديه بعض الوقت !

إنه واقع تعيشه أغلب الأسر ، ولا نقول بتحريم الهاتف ومنعه منعا كليا .. بل يجب عليك كأب وأم أن تحددوا بحزم وشدة وقت استخدام أطفالكم للهواتف الذكية ، كعطلة نهاية الأسبوع ، أو العطل المدرسية ، مع الحرص أن يكون التجمع العائلي دائم وأكبر من تجمع الأطفال وهواتفهم !

 

2 – الهاتف يؤثر على قدرات الأطفال العقلية

 

يعتبر الهاتف مثل فانوس سحري ، تأمره بما تشاء وهو ينفذ لك كل شيء ، فهو يقوم بالعمليات الحسابية ، ويبحث عن المعلومات ، ويسجل الصوت ، وتقضي فيه وقتا ممتعا مع لعبتك المفضلة . هذه الأوامر من شأنها أن تحد من قدرات طفلك العقلية الإبداعية ، فتنقص لديه مَلَكة التصوير والخيال ، ويصبح التطور الحسي والحسي البصري لديه بطيئا .

ونضرب مثالا بسيطا بأحد أقاربي كان يشتغل بقالا يبيع المواد الغذائية ، وكان يعتمد آنذاك على القلم والورقة في حساب أثمنة السلع ، وانتقل بعدها إلى الاستعانة بالآلة الحاسبة ، وبعد مدة طويلة من استمراره على هذا النحو ، عرضتُ عليه ذات مرة أن يقوم بحساب بعض السلع على الطريقة القديمة ( القلم والورقة ) ، فشعر بثقل كبير ، وبالكاد استطاع أن ينجز العملية الحسابية .

قد يعترض أحدكم ، ويقول أن الألعاب تحفز سرعة الإدراك للطفل وتطور الرؤية المحيطية لديه ، كما أن هذه الأجهزة تزيد من قدرته على التعامل مع عمليات البحث الالكتروني السريع على الإنترنت ، وتحسن من الوظائف البصرية .

بالفعل ، فهذه المعلومات صحيحة ، لكن فرق شاسع جدا بين الممارسة المنتظمة المعقولة وبين كثرة الممارسة التي تصل لدرجة الادمان !

أظن الرسالة وصلت !




اضرار الهاتف المحمول على الاطفال ( 2 )3 – الهاتف يسبب مشاكل في النوم للأطفال

 

إذا تواجد طفلك والهاتف المحمول في غرفة واحدة ، فتأكدي أنه سيمضي ليلة طويلة من السهر برفقة نديمه الذي لا تمله الأعين والأنفس . ولا غرابة حين نجد العديد من الدراسات تشير إلى أن أغلب مشاكل النوم من أرق وتعب وصعوبة في الاستيقاظ للمدرسة ، ارتبطت بطريقة أو بأخرى بالهاتف الذكي .

وهذا يشمل الكبار والصغار معا . بل هناك من لا يستطيع النوم حتى يأخذ جرعته اليومية من مسكّن ( الهاتف المحمول ) فتكون آخر ما أغمضت عينيه عليه ، شعاع الهاتف المضر – ولا داعي لأن أخبرك بأضرار أشعة الهاتف على العين – ، بل هناك من ينام وسماعات الأذن تُشغّل الموسيقى دون توقف !

ولقد حذرت منظمة الصحة العالمية من مخاطر الهواتف الذكية على حاسة السمع . وقالت المنظمة : إن أكثر من مليار شخص يواجهون على المدى الطويل خطر الإصابة بمشاكل في السمع ، نتيجة ” التعرض المطول والمفرط لأصوات قوية ” .

كما أن الإشعاعات التي تصدر من الهواتف – وإن لم يثبت ضررها بصفة نهائية بعد – لا شك تؤثر على الدماغ ، وسينكشف هذا في المستقبل القريب ، فلا تظن أن وضع الهاتف قريبا من رأسك حينما تنام أمرا صحيا !

وينبه أحد الدكاترة المتخصصين ( دانييل سيجر ) على ضرورة إغلاق كل الشاشات ( هواتف – حواسيب – أجهزة لوحية – تلفاز ) قبل ساعة على الأقل من موعد النوم ، وذلك لضمان نوم طبيعي بعيد عن إشعاعات الهاتف .

 

4 – إشعاعات الهاتف تشكل خطرا على صحة الطفل

 

كما أشرنا سابقا ، على الرغم من عدم وجود أبحاث نهائية بخصوص أضرار إشعاعات الهواتف النقالة ، لكن حجم التحذيرات المتكررة التي تنشرها المنظمات بشكل مستمر ، تشير إلى أن الخطر حقيقي فعلا ، فالإشعاعات المنبعثة من الهاتف المحمول أكبر حتى من إشعاعات الميكرويف .

وهناك تحذيرات أيضا من خطر الإصاباة بالسرطان ، وتأثيرها على بنية الحمض النووي للطفل ، وحسب هذه الدراسات فإن دماغ الطفل يمتص هذه الإشعاعات أكثر بـ 10 مرات مقارنة بالشخص البالغ .

 

5 – الهاتف يؤثر على شخصية الطفل

 

الحديث عن دراسة سلوكيات وشخصية الطفل يتطلب كلاما كثيرا ، لكن حسبنا ها هنا أن الطفل يعيش عالما افتراضيا يرتدي فيه الجميع أقنعة تترجم ضعف أو خوف أو حقد أو غيرة …الخ ، فمن السهل جدا أن تهدد بقتل صديقك من وراء الشاشة أو تشتمه أو تسخر منه ، أو حتى تعيش معه مغامرات وأحلام لذيذة .

لكن الانتقال من هذا الواقع الافتراضي إلى واقع العالم الحقيقي حيث المواجهة المباشرة ، سيخلق ارتباكا في تفكير الشخص وكذا خللا في معرفة عواقب أفعاله . هذا للشخص الكبير ، فما بالك بالطفل الصغير !

وفي تصريح لأحد الخبراء التربويين في مجال الأطفال والمراهقين ، قال بأن الاستخدام المفرط للهواتف الذكية يصيب الطفل بخمول شديد ، ويضعف قدرته على التركيز .

والسبب في ذلك تلك المشاهدات السريعة لمقاطع الصور التي تكون على الألعاب الالكترونية في هذه الاجهزة ، الأمر الذي يؤدي إلى تخزينها في العقل الواعي واللاواعي عند الطفل ويستمر عقله باسترجاعها حتى بعدما يتوقف عن اللعب ، مما قد يتسبب بتشتته وضعف تركيزه .

 

اضرار الهاتف المحمول على الاطفال ( 3 )

 

6 – الهاتف يؤثر على التحصيل الدراسي للطفل

 

أمرا واضح جدا ولا يحتاج إلى تفصيل كبير . وعلى الرغم من أن الهواتف المحمولة تساعد في البحث عن المعلومات وإجراء العمليات الحسابية المعقدة ، ووجود تطبيقات تسهل عملية مراجعة المواد ، لكن الطفل بطبعه يمل بسرعة ، ولا يستطيع مقاومة سحر الألعاب ، وبالتالي ينقلب الهاتف النقال من وسيلة تعليمية إلى خطر مدمر ، فتتراجع نتائج الطفل ، ويتدنى مستواه التحصيلي في المدرسة .

لذا من الأفضل أن تكون هناك مراقبة صارمة من طرف الوالدين ، أو الاستعانة بإحدى التطبيقات التي تستطيع أن تتحكم بهاتف طفلك ، فتغلق عليه تطبيقات الألعاب والفيديوهات ، وتسمح فقط بتطبيقات الدراسة .

 

7 – الهاتف يؤثر على صحة الأطفال العقلية 

 

أثبتت العديد من الدراسات أن المهارات الاجتماعية للأطفال من 5 إلى 10 سنوات تتراجع بنسبة % 65 تقريبا ، وعليه فإنهم يميلون بشكل كبير إلى التصرفات العدوانية بسبب المشاهد العنيفة التي يتعرضون لها في هواتفهم ، وبالتالي يحاكونها ويسقطونها على حياتهم .

وفي إحدى الدراسات الأجنبية التي نشرت عام 2017 ، وجدت  أن زيادة الوقت الذي يقضيه الأطفال والمراهقين على الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي أدى إلى زيادة في نسب أعراض الاكتئاب ومحاولات الانتحار .

وأشارت دراسات حديثة أخرى أن الانغماس في الحياة الافتراضية للهواتف الذكية ، يولّد لدى الأطفال بمرور الوقت ، عدم الشعور بالمسؤولية ، والعجز عن اتخاذ قرارات مصيرية في حياتهم ، لأنهم انغمسوا في لذة اجتماعية افتراضية يتحمل فيها جهازهم المحمول المسؤولية عنهم .

 

8 – الهواتف تسبب السمنة للأطفال

 

ولا عجب في ذلك ! فالوقت الكثير الذي يقضيه الأطفال مع هواتفهم لا شك سيؤثر على صحتهم البدنية ، وسيتعرضون لمشكلة السمنة الناجمة عن قلة الحركة والنشاط البدني ، ناهيك على أن السمنة تؤدي إلى العديد من المضاعفات الخطيرة ، منها ارتفاع ضغط الدم ، واحتمالية الإصابة بالسكري والسكتة الدماغية .

 

اضرار الهاتف المحمول على الاطفال ( 4 )

 

نصائح ذهبية للاستخدام الصحيح للهاتف المحمول للطفل

 

لا شك وأنت تقرأ هذا المقال ستصاب بقلق كبير ، – وربما – ستحس أن هذه الأضرار مبالغ فيها ، لكن أدعوك أن تحذر كل الحذر ، وأن لا تحاول حجب هذه الحقيقة المرعبة التي أصبحت واضحة وضوح الشمس .. بل وأنا أكتب هذه الأسطر ، يجلس بجانبي أبناء خالي الأربعة ذي ( 3 سنوات – 6 سنوات – 12 سنة – 16 سنة ) ، وهم عاكفين على هواتفهم ، لدرجة أنني أحيانا أناديهم أكثر من مرة حتى ينتبهوا إليّ .

لذا وقبل فوات الأوان ، إليك هذه النصائح الذهبية لترشيد استخدام الهواتف الذكية من طرف أطفالكم :

– يمنع استعمال الهاتف للأطفال أقل من عامين .

– الأطفال من سن عامين حتى 5 سنوات ينبغي ألا يزيد وقت استخدامهم للجوال عن ساعة واحدة ، وتحت إشراف والديهم .

– يفضل ألا يزيد وقت استخدام أطفالك لهواتفهم عن ساعتين يوميا .

– كن قدوة لطفلك فيما يخص الاستخدام المعتدل للهواتف الذكية ، عملا بقول الشاعر : ” لا تنه عن خلق وتأتي مثله  *  عار عليك إذا فعلت عظيم ” .

– ادمج طفلك بأنشطة رياضية ورحلات مدرسية ، وخصص له جولات أسبوعية للتنزه واللعب .

– تناولوا الطعام مجتمعين ، وشاهدوا التلفاز كذلك ، حتى تتشاركوا أفكاركم وتجاربكم اليومية ، ويستفيد أطفالكم منها ، بدل أن يتعلموا من هواتفهم .

– استعن بالتطبيق الذي يمكنك من التحكم بهاتف طفلك ، ومراقبة ما يفعله .

– احرص على تحقيق أقصى استفادة لطفلك الصغير من الهاتف ، وذلك بالتركيز على الألعاب الإلكترونية التفاعلية التي تحفز ذهنه للقيام بـ ( التفكير – التحليل – التخيل ) بدل أن تبقيه سارحا دون حركة أمام شاشة هاتفه .

– يجب أن لا يتواجد الموبايل بغرفة نوم الطفل .

– يجب عدم اصطحاب الأطفال لهواتفهم أثناء ذهابهم للمدرسة .

– استعن بمجموعة من الألعاب اليدوية التي تنمي مهارات طفلك الحركية

شاهد أيضاً

ألوان البشرة في المغرب الأكثر شيوعا تعرفي عليها

 في المغرب، تتنوع ألوان البشرة بشكل كبير نظراً للتنوع العرقي والثقافي في البلاد. يمكن أن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *